ديون امريكا المستحقة للصين تبلغ تريليون دولار

ديون امريكا المستحقة للصين تبلغ تريليون دولار
ديون امريكا المستحقة للصين تبلغ تريليون دولار
اقتصاد

على الرغم من مصافحتهما الحارة وتناولهما العشاء معاً، لا يجب أن يُعول أحد كثيراً على تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بأن لديه “علاقة قوية جداً” مع نظيره الصيني “شي جين بينج”.

وفي الحقيقة إن الاعتقاد القائل بأن واشنطن قد تخلت عن شكوكها العميقة تجاه بكين لمجرد تناول رئيسي أكبر اقتصادين في العالم بصحبة زوجتيهما شرائح اللحم معاً هو تصور خيالي، وذلك بحسب التقرير الذي نشرته “الجارديان”.

من المؤكد أن “شي” كان يأمل في أن يرحب به “ترامب” ترحيباً حاراً، لأن الصين لديها في الواقع الكثير لتخسره اقتصادياً في الحرب التجارية مقارنة بالولايات المتحدة.

قد يبدو هذا الأمر غير بديهي بالنظر إلى أن بكين يمكنها أن تعتمد الخيار النووي الاقتصادي إذا قام “ترامب” بتنفيذ تعهداته الانتخابية، وفرض تعريفات جمركية ضخمة على الواردات الصينية.

الولايات المتحدة مدينة للصين بأكثر من تريليون دولار، ويمكن لـ”شي” أن يوجه ضربة قاسية للاقتصاد الأمريكي عن طريق بيع الحيازات الصينية من سندات الخزانة الأمريكية.

لكن المشكلة مع الخيار النووي هو أنه لا يعني فعلياً استعماله، لأنه إذا استخدم لا يوجد فائزون، فالصين بالتأكيد يمكنها أن تسبب أضراراً هائلة للولايات المتحدة، ولكن ذلك سيتم فقط من خلال تدميرها لنفسها.

في الواقع العلاقات الأمريكية الصينية ينطبق عليها المثال الكلاسيكي الشهير القائل: إذا كنت مدينا للبنك بألف دولار، فلديك مشكلة، وإن كنت مدينا بتريليون دولار، فالبنك هو من لديه مشكلة.

يقول “براين ديفيدسون” من شركة الاستشارات الأمريكية ” Fathom consultancy ” إن القيادة الصينية حريصة على تجنب الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي من المؤكد أن تصاحب حربها التجارية مع الولايات المتحدة.

يُظهِر إصرار بكين على تمويل الاستثمار في مشاريع غير مربحة حرصها الشديد على تجنب الارتفاع الحاد في معدل البطالة.

الصين تعتمد على الولايات المتحدة بطريقة لا تعتمد بها الأخيرة عليها، حيث إن ما يقرب 4% من الناتج المحلي الإجمالي للصين يعتمد على صادراتها المباشرة إلى الولايات المتحدة، في حين أن نفس البند لا تتجاوز نسبته 1% بالنسبة للولايات المتحدة.

هناك العديد من الدول التي يمكن أن تزود الولايات المتحدة بالسلع المصنعة التي تحصل عليها من الصين، بيد أن بكين سوف تواجه مشكلة حقيقية أثناء محاولتها العثور على سوق بديل عن الولايات المتحدة تصدر إليه منتجاتها.

عبر “ترامب” أكثر من مرة وفي كثير من الأحيان بشكل عدواني عن عدم رضاه عن الطريقة التي تدير بها الصين تجارتها الخارجية، ووفقاً لـ” ديفيدسون” فإن الرئيس الأمريكي ربما يكون معه بعض الحق في ذلك.

الموقف الأمريكي في المفاوضات التجارية مع الصين يعززه القانون التجاري الدولي وانتهاك الصين المنتظم لقواعد منظمة التجارة العالمية، لذلك قد يوجد أمام واشنطن مجال لرفع دعاوى ضد بكين والفوز بها.

يأمل “شي” أن يتراجع “ترامب” عن موقفه الحاد تجاه بكين والذي اعتمده خلال حملته الانتخابية، وفي سعيه إلى إقناعه بذلك وصل إلى منتجع “مار إيه لاجو” حاملاً وعودا غامضة بشأن الاستثمار الصيني في الولايات المتحدة.

لكن ذلك لن يكون كافياً بالنسبة لـ”ترامب” الذي اتخذ مؤخراً عدة إجراءات بشأن العجز التجاري بين بلاده والصين البالغة قيمته 350 مليار دولار سنوياً، في الوقت الذي كانت فيه العلاقات التجاية مع بكين العمود الرئيسي لحملته الانتخابية.

بكين تدرس منذ فترة خياراتها لمنع “ترامب” من فرض تعريفة جمركية على صادراتها إلى السوق الأمريكي تصل نسبتها إلى 45%، وربما يقوم “شي” بإزالة الحواجز التي تجعل من الصعب على الشركات التكنولوجية الأمريكية التصدير إلى الصين.

لكن حتى إذا قامت الصين بذلك، لا يزال يوجد هناك احتمال غير ضئيل أن تعتمد الولايات المتحدة بعض السياسات الحمائية في قطاعات – مثل الصلب – التي تمثل أهمية سياسية بالنسبة لبكين.

كل هذا يعني ببساطة أن الرجل المقيم حالياً في 1600 شارع بنسلفانيا (البيت الأبيض) تعلم من أحد أسلافه، وتحديداً “تيدي روزفلت” أن يتكلم بهدوء ويحمل في يده عصا كبيرة.

 

المصدر: وكالات